هل تكفينا 16 يومًا ؟
كتابة: فريق ممكن
حملة “الـ 16 يوم من الفعاليات ضد العنف القائم على النوع الاجتماعي”، من أهم الفعاليات العالمية التي تقام سنويا منذ 30 عامًا للقضاء على العنف، إذ تم إطلاقها سنة 1991 من قبل مركز القيادة العالمية للمرأة بجامعة روتجرز، وتم إدراجه لاحقًا ضمن المناسبات العالمية الرسمية للأمم المتحدة، ويتم إحياء الحملة من قبل أكثر من 6000 منظمة مدنية في أكثر من 187 دولة حول العالم، من أجل مكافحة كل أشكال العنف الممارس في المجتمع خاصةً المبني على النوع الاجتماعي والقضاء عليه.
تبدأ الـ 16 يوماٌ من الفعاليات والنشاطات في الـ25 من نوفمبر الذي يوافق اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة، وتستمر حتى الـ 10 من ديسمبر (اليوم العالمي لحقوق الانسان)، وتتزامن مع مجموعة من الأيام العالمية مثل:
اليوم العالمي للمدافعين عن حقوق المرأة في 29 من نوفمبر.
اليوم العالمي للمساعدات في 1 من ديسمبر.
اليوم العالمي للتطوع في التنمية الاجتماعية والإقتصادية في الـ 5 من ديسمبر.
ذكرى مجزرة مونتريال والذي يوافق اليوم الوطني لتأمين ومكافحة العنف ضد المرأة في كندا في الـ 6 من ديسمبر.
وفي كل سنة يتم اختيار موضوع للحملة لتركز عليه النشاطات، وموضوع سنة 2021 حسب منظمة الأمم المتحدة لشؤون المرأة هو (اجعل العالم برتقالياٌ: فلنقضي علي العنف ضد المرأة الآن)، بشعار: لنجل العالم برتقاليا: ساهم، استجب ، امنع، اجمع.
والسبب الرئيسي لتركيز الحملة على المرأة هو كون النساء الضحية الأولى للعنف عالميًا، اذ تتعرض 1 من كل 3 نساء في حياتها للتعنيف – الجسدي أو الجنسي – وأعلنت منظمة الصحة العالمية أن 2 من كل 3 نساء عانت من التعنيف النفسي أو الجسدي خلال فترة الحجر المنزلي (بسبب وباء كورونا)، وعدد البلاغات الرسمية لم بتعدّى الـ 1 من كل 10 حالات تعنيف جرت، باللإضافة لكون 72% من ضحايا الاتجار بالبشر من النساء والفتيات.
و نتاجًا لكل هذه الأرقام يتم توجيه معظم الحملات والنشاطات للنساء والأطفال بإعتبارهم من الفئات الأكثر تضررًا من العنف، بسبب الثقافات المحليّة التي تشجع وتدعم هذا النوع من الممارسات في بعض الأحيان وتتغاضى عنها في البعض الآخر.
ولكن لا يقتصر العنف المبني على النوع الاجتماعي على النساء فقط، إذ يتعرض الرجال والفتيان للتعنيف أيضًا بسبب الثقافات المحلية التي تعرضهم لضغوطات إجتماعية كبيرة، وتنتقص من حقهم في الحصول على الدعم المعنوي والتعبير عن ذاتهم، ومفهوم تحقيق واكتساب الإحترام من خلال العنف و ممارساته.
عرف العنف على أنه أي فعل يضرّ أو يمسّ بإرادة شخص ما، والمقصود بالنوع الاجتماعي نوع وجنس الانسان ان كان ذكراً أو أنثى، وإن تمت ممارسة العنف بناءًا على المفارقة الإجتماعية بين الذكور والإناث فهو ضمن العنف المبني على النوع الاجتماعي، ويمكن القول بأنه أي فعل يضر بالفئات الأضعف في المجتمع، سواء أكان أثره جسديًا او نفسيًا، ويشمل ذلك التهديد بالقيام بالفعل أو استعمال أي سلطة غير مخولة مبنية على هذا المفهوم، كالإكراه والحرمان من الحرية في مكان خاص أو عام، كالعنف المنزلي، الاعتداءات الجنسية، الاتجار بالبشر أو الاستغلال بكل أشكاله، وللتوضيح بشكل أكبر يصنف تأثير العنف على أنه :
عنف مؤدي لأذية جسدية : هو أي فعل قد يتسبب في أذي فعلي أو محتمل على شخص ما -الضحية-. كأي سلوك متعمد ينتج عنه ضرر بدني يكون مبنيا على المفارقة بين الذكر و الأنثى، سواء كان بشكل مباشر (أي الضرب، الحرق، الحنق، الحبس أو الربط)، أو غير مباشر (كعدم توفير العلاج أو التغذية السيئة)، من قبل العائلة، الأصدقاء أو الغرباء.
عنف مؤدي لأذية نفسية : هو أي فعل يتسبب بأذية نفسية لشخص ما -الضحية- منها التهديد، التخويف، الحرمان من الحقوق وأي ممارسات تهدف لمضايقة أو أذية شخص ما -الضحية- نفسيا، كالقيام بأفعال غير واقعية لتسبب بجرح المشاعر والوصم، أو من خلال التعدي اللفظي وتوجيه الكلام الجارح و المبني على التفرقة و التمييز العنصري القائم على النوع الاجتماعي، قد يقوم بها أفراد العائلة، الأقارب، الأصدقاء أو الغرباء.
العنف الجنسي : يعرف بأنه أي اتصال قسري أو تلاعب مع شخص ما -الضحية- بغرض تحقيق الاشباع الجنسي من دون رضا وموافقة الطرف الآخر، والذي بدوره يتسبب في أضرار جسدية ونفسية للضحية، ويعتبر التحرش والإغتصاب والإعتداءات الجنسية بكل أشكالها مشروعة كانت أو غير مشروعة ضمن العنف الجنسي، وقد يقوم بها الزوج، أفراد العائلة والأقارب، الأصدقاء وحتى الغرباء.
العنف الاقتصادي : وهو منع و حرمان شخص ما -الضحية- من حقه في التحكم بقدراته المادية والمالية، كإنفاق أمواله الخاصة او الحق في اكتسابها، أو عدم الحصول على مصروفه المستحق، أو المطالبة يتبرير أي نفقات مشروعة والمس بالممتلكات والأصول وتخصيصها على مرأى من الجاني، والذي يمكن أن يمارس من قبل الزوج، العائلة وولي الأمر.
الهدف من الحملة هو الوقوف ضد أي فعل يتم ارتكابه لأذية شخص ما بناءًا على الفروق الاجتماعية، كمنح الحقوق وتوزيع المهام بناءًا على مفاهيم المجتمع المنحازة والتي تدعم تفضيل جنس على الآخر بشكل مباشر أو غير مباشر، مع مساعدة ودعم ضحايا هذه الممارسات سواءً كانت موجّهة نحو النساء أو الرجال من حولنا، فقد تكون الضحية :
1. ام وابنتها تتعرضان للتعنيف المنزلي والحرمان المالي من قبل الزوج بشكل يعرض حياتهما للخطر ويؤثر على صحتهما النفسية.
2. مهاجرة تعرضت في رحلتها نحو حياة أفضل للتعنيف والتحرش الجنس
3. من قبل المهربين أوالاستغلال من قبل بعض العاملين في توزيع المساعدات الإنسانية.
4. عامل يتلقى معاملة سيئة وأجراً زهيداً مقابل ساعات العمل الطويلة والمرهقة دون الحصول على أي إجازات أو فترات راحة كافية مع تهديد دائم بالطرد والتعنيف الجسدي.
5. امرأة تتعرض للتعدي اللفظي بشكل دائم في مكان عملها، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي نظرًا لحساسية المنصب الذي تعتليه بسبب عدم تقبل المجتمع.
6. طالبة جامعية تستعمل المواصلات العامة وتتعرض للمضايقات اللفظية والجسدية في رحلتها اليومية.
7. استعمال النوع الاجتماعي كعذر لرفض المتقدمين على وظيفة ما (النوع الاجتماعي ليست عامل مؤثر في الوظيفة المعنية) والتفرقة في رواتب الموظفين الإناث والذكور رغم تأديتهم لنفس الأعمال.
فالقصص السابقة جزء صغير مما يعانيه الكثيرون حولنا من تعنيف وسوء معاملة مبنية على النوع الاجتماعي، لأن ممارسة العنف أمر مقبول إلى حد ما في مجتمعنا خصوصا عندما يكون الجاني فردا من العائلة أو الأقارب بسبب مفهوم الوصاية المجتمعية المترسخ في الثقافة المحلية، والجهود المبذولة للحد منه ضئيلة جدا، فلا تتعدى البلاغات المقدمة الـ 10% من اجمالي حالات التعنيف والإعتداء، رغم تواجد أجهزة أمنية مختصة بحماية الأم والطفل وشؤون المهاجرين، ولكن لازال الطريق أمامنا طويلًا جدًا لتحقيق العدالة والقضاء على العنف وخاصة القائم على النوع الاجتماعي.
ومن واجبنا كمواطنين مدنين الوقوف ضد كل أنواع العنف ووضع حد لكل ممارسيها من خلال المساءلة القانونية، لأن القبول بها والإذعان لها من الأسباب الرئيسية التي أدت الى تدهور الوضع الأمني والانتهاكات المستمرة لحرمة حقوق الانسان التي نعاني منها في مجتمعاتنا، ولن تنتهي هذه الحلَقة المفرغة من العنف إلا بالعمل على حماية الفئات الهشة من المجتمع وخلق قاعدة قانونية تعاقب المجرمين المعنفين في كل مكان مع توفير المساعدات ورفع فرص إعادة التأهيل الاجتماعي للضحايا.
مع التأكيد على أن العنف القائم على النوع الاجتماعي قد يأخذ اشكال عديدة، ويستمر لفترات طويلة، ولكن الطريق الوحيد للنجاة هو التحلي بالشجاعة وطلب المساعدة، فإن كنت تمر بأّيٍّ من الظروف التي تم ذكرها سابقًا أو تعرف شخصًا يمرّ بها، ندعوك للتواصل مع الرقم المجّاني 1404 للحصول على المساعدة.
ضع حدًا للعنف، ساهم في حملات مكافحة العنف، استجب لطلبات المساعدة، امنع ممارسة العنف المبني على النوع الاجتماعي واجمع التبرعات من أجل الضحايا.